رامي الخليلي
ادارة المنتدى
 عدد مشآرڪآتي : 1700
 بُـلاآآدٍيـے : 
 الجنس : 
 العمل : Joinery  الانتساب : 01/04/2009
 عدد النقاط : 2974
 |  موضوع: العقل .. نظرة شرعية  17.11.10 13:21 |
| العقل .. نظرة شرعية العقل .. نظرة شرعية (1)
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
شغل موضوع العقل مساحة ليست بالقليلة في الفكر الإسلامي، و راح أقوام في تقديسه و منحه سلطاناً مستقلاً في معرفة الحسن و القبيح و ما يستوجب بسببه الثواب أو العقاب بل و أفردوه بمعرفة رب العالمين، و راح البعض الآخر بالهضم من شأنه و وضعه في مكانة أقل مما يستحقها، و نظراً لأن هذا الموضوع كان سبباً رئيسياً في ظهور الفرقة و البدع و مخالفة الجماعة و السنة كان لزاماً علينا أن نطرح على عجالة حقيقة الأمر و أستدعى هذا البحث في تعريف العقل و حقيقته ووظائفه و الاستدلال به، عسى أن ينفعنا هذا البحث في توحيد صفوف المسلمين على الحق و الله المستعان.
1- تعريف العقل في اللغة:
العَقْلُ الحِجْر والنُّهى ضِدُّ الحُمْق والجمع عُقولٌ - وعَقَل فهو عاقِلٌ وعَقُولٌ من قوم عُقَلاء - رَجُل عاقِلٌ وهو الجامع لأَمره ورَأْيه مأْخوذ من عَقَلْتُ البَعيرَ إِذا جَمَعْتَ قوائمه وقيل العاقِلُ الذي يَحْبِس نفسه ويَرُدُّها عن هَواها أُخِذَ من قولهم قد اعْتُقِل لِسانُه إِذا حُبِسَ ومُنِع الكلامَ والمَعْقُول ما تَعْقِله بقلبك - والعَقْلُ التَّثَبُّت في الأُمور والعَقْلُ القَلْبُ - والقَلْبُ العَقْلُ وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه وقيل العَقْلُ هو التمييز الذي به يتميز الإِنسان من سائر الحيوان ويقال لِفُلان قَلْبٌ عَقُول- وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِلُه عَقْلاً فَهِمه - واعْتُقِل حُبِس وعَقَلَه عن حاجته يَعْقِله وعَقَّله وتَعَقَّلَهُ واعتَقَلَه حَبَسَه وعَقَلَ البعيرَ يَعْقِلُه عَقْلاً -وأَصل العَقْل مصدر عَقَلْت البعير بالعِقال أَعْقِله عَقْلاً وهو حَبْلٌ تُثْنى به يد البعير إِلى ركبته فتُشَدُّ به (لسان العرب لابن منظور - 3.46 الى 3050). فمما سبق يتبين أن العقل يراد به في اللغة النُّهى و الحكمة و الحبس - أي حبس النفس عن ورود المهالك - و الفهم و التمييز و هذا يؤكد لك جانباً هاماً من جوانب تعريف العقل في الاصطلاح على ما سيأتي بمشيئة الله.
2- تعريف العقل في الاصطلاح عند أهل السنة و الجماعة و عند غيرهم:
اورد ابن النجار رحمه الله في شرح الكوكب المنير تعاريف للعقل كالتالي: "الْعَقْلُ: مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَيْزُ" أَيْ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ، قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": قَالَهُ صَاحِبُ "رَوْضَةِ الْفِقْهِ" مِنْ أَصْحَابِنَا. وَهُوَ شَامِلٌ لأَكْثَرِ الأَقْوَالِ الآتِيَةِ: عَنْ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: آلَةُ التَّمْيِيزِ وَالإِدْرَاكِ "وَهُوَ غَرِيزَةٌ" نَصًّا. قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ. وَقَالَهُ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيّ، فَقَالَ: الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ، لَيْسَ مُكْتَسَبًا، بَلْ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفَارِقُ بِهِ الإِنْسَانُ الْبَهِيمَةَ، وَيَسْتَعِدُّ بِهِ لِقَبُولِ الْعِلْمِ، وَتَدْبِيرِ الصَّنَائِعِ الْفِكْرِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ نُورٌ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ، كَالْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ، وَالصِّبَا وَنَحْوُهُ حِجَابٌ لَه.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: إنَّهُ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ، كَالضَّرُورِيِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَرْبَهَارِيّ - مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا-: لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلا عَرَضٍ وَلا اكْتِسَابٍ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: "هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْقُوَّةُ الْمُدْرِكَةُ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلامُ أَحْمَدَ، لا الإِدْرَاك".
"وَ" هُوَ أَيْضًا "بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَالأَكْثَر. قَالَ فِي: "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ "بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ. يُسْتَعَدُّ بِهَا لِفَهْمِ دَقِيقِ الْعُلُومِ، وَتَدْبِيرِ الصَّنَائِعِ الْفِكْرِيَّةِ".
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا: الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلاَّنِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ. فَخَرَجَتْ الْعُلُومُ الْكَسْبِيَّةُ، لأَنَّ الْعَاقِلَ يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ عَاقِلاً، مَعَ انْتِفَاءِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ.
وَإِنَّمَا قَالُوا: "بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ". لأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَمِيعَهَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَاقِدُ لِلْعِلْمِ بِالْمُدْرَكَاتِ، - لِعَدَمِ الإِدْرَاكِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا- غَيْرَ عَاقِلٍ (راجع شرح الكوكب المنير - ص79 الى 83).
و أورد كذلك بن تيمية رحمه الله تعريف للعقل حيث قال أنه يراد به أمور:
أحدها: علوم ضرورية يفرق بها بين المجنون الذي رفع القلم عنه وبين العاقل الذي جرى عليه القلم فهذا مناط التكليف
والثاني: علوم مكتبسة تدعو الإنسان إلى فعل ما ينفعه وترك ما يضره فهذا أيضا لا نزاع في وجوده وهو داخل فيما يحمد بها عند الله من العقل ومن عدم هذا ذم وإن كان من الأول وما في القرآن من مدح من يعقل وذم من لا يعقل يدخل فيه هذا النوع وقد عدمه من قال (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك : 10])
الثالث: العمل بالعلم يدخل في مسمى العقل أيضا بل هو من أخص ما يدخل في اسم العقل الممدوح
الرابع : الغريزة التي بها يعقل الإنسان فهذه مما تتوزع في وجودها ...(نُقل من بغية المرتاد لابن تيمية في منهج السلف و المتكلمين - ص72-73)
من هنا يتبين أن العقل يقصد به عند السلف أنه آلة التمييز للتمييز بين الحق و الباطل و كذلك فهو غريزة و صفة من الصفات التي وهبها الله للانسان و هو آلة الفهم التي يفهم بها وحي الله سبحانه و تعالى و يتفكر بها في خلقه و يتدبر بها قرآنه ......
و فيما يتعلق بتعريف المتكلمين فقد تباينت أقوال المتكلمين حول مفهوم العقل، و أكثروا فيه القيل و القال، و تباعد في ذلك أكثرهم عن الحق، و ذلك حسب تأثرهم بالفلاسفة، و قد ذكر المتكلمون في مفهوم العقل أقوالاً كثيرة أشهرها:
1- إن العقل جوهر، و هذا عين قول الفلاسفة في العقل.
2- إن العقل صفوة الروح، أي خالص الروح، و احتجوا على هذا باللغة، فقالوا: لب كل شيء خالصه، فمن أجل ذلك سُمي العقل لبا، و استدلوا بقول الله تعالى (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر : 9]) يعني: أولي العقول.
3- سلك بعض المتكلمين مسلك الفلاسفة في تصنيفات العقل و اعطاء كل صنف مصطلحات فلسفية غامضة كتفسير العقل الى نظري و عملي و عرفوا العملي بأنه قوة النفس بتحصيل العلم و العمل لتكميلها و قسموا النظري الى أربع مراتب: الهيولاني أي الضعيف، العقل بالملكة أي المتوسط عندهم، العقل بالفعل و سموه بالقوي، العقل المستفاد و سموه بالكامل و في ذلك تفصيل نحن في غنى عنه هنا. (بتوسع في منهج السلف و المتكلمين ص 77 الى 83)
3- تعريف جامع للعقل على طريقة السلف:
أورد فضيلة الأستاذ الدكتور الرضواني حفظه الله (1) تعريفاً جامعاً للعقل على النحو التالي "غريزة وضعها الله في قلوب الممتحنين من عباده، تابعة للروح، و موضوعة في الجانب الغيبي من قلب الإنسان، غريزة لا نعرف كيفيتها، و لكن نتعرف على وجودها، و وجود أوصافها من أفعال الإنسان في ظاهر البدن، فيقال هذا عاقل، إذا فعل أفعال العقلاء و هذا مجنون إذا لم يتصف بها". (انظر بمزيد من التفصيل في أصول العقيدة - ص35-36).
4- محل العقل:
مسألة هامة أخرى تتعلق بالعقل ألا و هي محله و مكان وجوده من جسم الانسان حيث جزموا أن محله القلب كما قال ابن النجار: "وَمَحَلُّهُ" أَيْ مَحَلُّ الْعَقْلِ "الْقَلْبُ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ وَالأَطِبَّاءِ. وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ [ق : 37]) أَيْ عَقْلٌ. فَعَبَّرَ بِالْقَلْبِ عَنْ الْعَقْلِ، لأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج : 46]) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف : 179]) فَجَعَلَ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ، وَالْعُلُومُ الضَّرُورِيَّةُ: لا تَكُونُ إلاَّ فِي الْقَلْبِ. وَ مَعَ هَذَا "لَهُ اتِّصَالٌ بِالدِّمَاغِ" قَالَهُ التَّمِيمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. (شرح الكوكب المنير ص 83-84).
يتبع لاستكمال باقي نقاط البحث في القريب العاجل بمشيئة الله تعالى .......
----------------- -----------------------------
1- هو فضيلة الأستاذ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني من جمهورية مصر العربية – أستاذ العقيدة و الأديان و الفرق و المذاهب المعاصرة – العضو المؤسس للجمعية العلمية لعلوم العقيدة و الأديان و الفرق و المذاهب المعاصرة بكلية الدعوة و أصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
 الموضوع الأصلي : العقل .. نظرة شرعية المصدر : منتديات الحارة نت توقيع العضو ;رامي الخليلي |
| |
|
22.11.14 16:22
منتديات الحارة نت